موقع إخباري شامل تتابعون فيه مستجدات الأحداث العربية والعالمية على مدار الساعة، وتغطية مستمرة لأخبار السياسة والرياضة والاقتصاد والعلوم والفن والتكنولوجيا.

عبد الله بن عمر بن الخطاب “جزء 7

عبد الله بن عمر بن الخطاب “جزء 7
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء السابع مع عبد الله بن عمر بن الخطاب، وكما كان ابن عمر في فقهه شديد التأثر بفقه أبيه، وهو ما يستدل عليه من رواية زيد بن أسلم، عن أبيه حين قال ما ناقة أضلت فصيلها في فلاة من الأرض بأطلب لأثره من ابن عمر لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، إلا أنه رغم هذا الاتباع لمنهج أبيه، كان له استقلاليته عن هذا المنهج متى رأى الصواب في مخالفته الرأي، وكان ابن عمر رضي الله عنهما من فقهاء الصحابة المعدودين وأعلم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بمناسك الحج، وقد أفتى المسلمين قرابة ستين سنة، وقد كان بعد مقتل عثمان بن عفان، ورفض معاوية بن أبي سفيان مبايعة الخليفة الرابع علي بن أبي طالب، واستئثار معاوية بحكم الشام.

 

ومطالبته بالقصاص لعثمان، قثد جاء علي بن أبى طالب، إلى ابن عمر يسأله الخروج إلى الشام أميرا، فاعتذر ابن عمر، وخرج إلى مكة، ولم يشهد مع عليّ شيئا من حروبه، حتى لا ينخرط في الفتنة، بل إن الفتنة لما استفحلت، أتوا ابن عمر، فقالوا أنت سيد الناس وابن سيدهم، والناس بك راضون، اخرج نبايعك، فقال لا والله لا يهراق فيّ محجمة من دم، ولا في سببي ما كان في روح، وكما كادت أن تنعقد البيعة له يوم التحكيم رغم وجود علي بن أبى طالب، وسعد بن أبي وقاص، وقد عقب الذهبي في ترجمته لابن عمر في كتابه سير أعلام النبلاء، على ذلك بقوله ولو بويع يومها، لما اختلف عليه اثنان، إلا أن ابن عمر يرى أن حقن دماء المسلمين له الأولوية.

 

فقد رُوي أنه قال إنما مثلنا في هذه الفتنة كمثل قوم يسيرون على جادة يعرفونها، فبينما هم كذلك، إذ غشيتهم سحابة وظلمة، فأخذ بعضهم يمينا وشمالا، فأخطأ الطريق، وأقمنا حيث أدركنا ذلك، حتى جلا الله تعالى، ذلك عنا، فأبصرنا طريقنا الأول فعرفناه، فأخذنا فيه، وإنما هؤلاء فتيان قريش يقتتلون على هذا السلطان وعلى هذه الدنيا، ما أبالي أن لا يكون لي ما يقتل عليه بعضهم بعضا بنعلي هاتين الجرداوين، وكما قال: لو اجتمعت عليّ الأمة إلا رجلين ما قاتلتهما، وقد استدام ابن عمر على سياسة الحياد تلك، فكان لا يأتي أمير على المدينة وقت الفتن إلا وصلى خلفه، وأدى إليه زكاة ماله، سوى الحجاج بن يوسف الثقفي الذي ترك ابن عمر الصلاة خلفه لما رآه يؤخر الصلاة.

 

ولما استقر الأمر لمعاوية بن أبى سفيان، دسّ عمرو بن العاص ليعلم ما في نفس ابن عمر من أمر الخلافة، فقال عمرو يا أبا عبد الرحمن ما يمنعك أن تخرج فنبايعك، وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابن أمير المؤمنين، وأنت أحق الناس بهذا الأمر؟ فقال ابن عمر” لو لم يبق إلا ثلاثة أعلاج بهُجر، لم يكن لي فيها حاجة ” فعلم أن لا مطمع له في الخلافة، فقال عمرو ” هل لك أن تبايع لمن قد كاد الناس أن يجتمعوا عليه، ويُكتب لك من الأرضين ومن الأموال ما لا تحتاج أنت ولا ولدك إلى ما بعده؟ فغضب ابن عمر، وقال ” أف لك، اخرج من عندي، ثم لا تدخل عليّ، ويحك، إن ديني ليس بديناركم ولا درهمكم وإني أرجو أن أخرج من الدنيا ويدي بيضاء نقية ”

 

 

وقد ذكر الزُهري أن معاوية تعرّض لابن عمر يوما في خطبة، فقال “ومن كان أحق بهذا الأمر مني؟ فتهيّأ ابن عمر للرد بقوله ” أحق به من ضربك وأباك على الكفر ” إلا أنه تراجع خشية أن يُظن به حرصه على الخلافة، وكما ذكر نافع مولى ابن عمر أن معاوية قدم إلى المدينة المنورة يوما، وحلف على منبر المسجد النبوي الشريف ليقتلنّ ابن عمر، فتجمع له الناس، فتراجع، ولما بويع يزيد بن معاوية وبلغه الخبر، قال ” إن كان خيرا رضينا، وإن كان بلاء صبرنا ” وبعد وفاة يزيد وتصدّر عبد الله بن الزبير للخلافة، لم يوافقه ابن عمر على دعواه، وكان يرى أنه بغى على بني أمية، ونكث عهدهم.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

error: محتوى محمى !!