موقع إخباري شامل تتابعون فيه مستجدات الأحداث العربية والعالمية على مدار الساعة، وتغطية مستمرة لأخبار السياسة والرياضة والاقتصاد والعلوم والفن والتكنولوجيا.

تنزيل من عزيز حكيم ” جزء 8″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

ونكمل الجزء الثامن مع تنزيل من عزيز حكيم، وقبل أن يجيب النبي صلى الله عليه وسلم بكلمة ثار عتبة وقال إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومه منك، فرقت جماعتنا وشتت أمرنا وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا وأن في قريش كاهنا والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى وكان عتبة متغيرا غضبانا والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت يستمع بكل أدب، وبدأ عتبة يقدم إغراءات ليتخلى النبي صلى الله عليه وسلم عن الدعوة، فقالأيها الرجل إن كنت جئت بالذي جئت به لأجل المال، جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلا، وان كنت إنما بك حب الرئاسة.

 

عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسا ما بقيت، وإن كان إنما بك الباه والرغبة في النساء، فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشرا، وان كان هذا الذي يأتيك رئيا من الجن تراه لا تستطيع رده عن نفسك، طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يتداوى منه، ومضى عتبة يتكلم بهذا الأسلوب السيء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعرض عليه عروضا ويغريه، والنبي صلى الله عليه وسلم ينصت إليه بكل هدوء، وانتهت العروض من ملك ومال ونساء وعلاج من جنون، وسكت عتبة، وهدأ ينتظر الجواب، فرفع النبي صلى الله عليه وسلم بصره إليه وقال بكل هدوء أفرغت يا أبا الوليد؟ لم يستغرب عتبة هذا الأدب من الصادق الأمين.

 

 

بل قال باختصار نعم، فقال صلى الله عليه وسلم فاسمع مني، قال أفعل، فقال صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم ” حم، تنزيل من الرحمن الرحيم، كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون، بشيرا ونذيرا فأعرض أكثرهم فهم لا يسمعون” ومضى النبي عليه الصلاة والسلام يتلوا الآيات وعتبة يستمع، وفجأة جلس عتبة على الأرض، ثم اهتز جسمه فألقى يديه خلف ظهره واتكأ عليهما، وهو يستمع ويستمع والنبي يتلو ويتلو حتى بلغ قوله تعالى ” فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ” فانتفض عتبة لما سمع التهديد بالعذاب، وقفز ووضع يديه على فم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليوقف القراءة، فاستمر صلى الله عليه وسلم يتلو الآيات.

 

 

حتى انتهى إلى الآية التي فيها سجدة التلاوة فسجد، ثم رفع رأسه من سجوده ونظر إلى عتبة وقال سمعت يا أبا الوليد؟ قال نعم، قال فأنت وذاك، فقام عتبة يمشي إلى أصحابه وهم ينتظرونه متشوقين فلما أقبل عليهم قال بعضهم لبعض نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به فلما جلس إليهم قالوا ما وراءك يا أبا الوليد؟ فقال ورائي أني والله سمعت قولا ما سمعت مثله قط، والله ما هو بالشعر، ولا السحر ولا الكهانة يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها بي خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم، فقال يا قوم وقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ” حم، تنزيل من الرحمن الرحيم ” حتى بلغ ” فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود ”

 

فأمسكته بفيه وناشدته الرحم أن يكف، وقد علمتم أن محمدا إذا قال شيئا لم يكذب، فخفت أن ينزل بكم العذاب، ثم سكت أبو الوليد قليلا متفكرا وقومه واجمون يحدون النظر إليه، فقال والله إن لقوله لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه ليعلو وما يعلى عليه وإنه ليحطم ما تحته وما يقول هذا بشر وما يقول هذا بشر، قالوا هذا شعر يا أبا الوليد، شعر فقال والله ما رجل أعلم بالأشعار مني ولا أعلم برجزه ولا بقصيده مني ولا بأشعار الجن والله ما يشبه هذا الذي يقول شيئا من هذا ومضى عتبة يناقش قومه في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن عتبة لم يدخل في الإسلام لكن نفسه لانت للدين، فتأمل كيف أثر هذا الخلق الرفيع ومهارة حسن الاستماع في عتبة مع أنه من أشد الأعداء.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

error: محتوى محمى !!