الحادي عشر مِن نوڤمبر من عام 2006 .
بقلم / محموددرويش
العاشِرة مساءًا بتوقيت تونس ، الحادية عشر مساءًا بتوقيت قاهرة المُعز ، ملعب رادس مُمتلئ عن بَكرة ابيه ، اكثر من 60 ألف مُناصر زحفوا من مدينة صفاقس صوب رادس العاصمة لمُشاهدة ناديهم وهو يتوج بـ أمجد الكؤوس الأفريقية على حساب نادي القرن القاهري ، الإحتفالات تتأهّب للإنتقال من طور الإعداد لشعائر الإحتفال المُدوّي .
العجوز البرتغالي إعتزَلَ مُساعديه ، جلس بين الرهبة المُعتادة و بين منطقيّة الأحداث ، كان لديه يقين أنّ إحتفال أبناء تونس المُبالَغ فيه ذهابًا لا يُمكِن أن يستمِر إيابًا ، كان يعي أنّ كرة القدم ليست رواية رومانسيّة
تبدأ التسعون دقيقة التي تتضافَر لأجلها ملايين قطرات الأدرينالين ، مانويل جوزيه فاجئ الجميع و أوهَمَ التوانِسة أنه يهوى الدفاع ، و الأوراق كانَ لها تنظيم يُخالِف واقع الأمر على البُساط الأخضَر !!
الوقت يمُر ، شديد على اليسار ، الشاطِر على اليمين يفتتحان جبهات لم يُكتَب لها الفلاح ، بمِصر يترقَبون ، أقلام صحفيّة تتأهب إما لإحتفال أو شماتة
كوفي كودچا يُعلِن الوقت الضائع ، قُبيل ثواني ، شادي محمد يُطلِق تمريرة طوليّة عبثيّة بها مِن التمنّي أكثر ما بها مِن الدقة ، ثواني تمُر ، تأرجُح من فلافيو لمتعِب ، تصطَدم بيساريّة وُلِدَت طائشة و إنتابتها في نشوةٍ من الزمن دقــة مازَجتها قوّة بعناية السماء !
رادس تُصاب بسكتة قلبية ، صمت رهيب خيّم بعد طول ضَجيج ، رؤوف خِليف يصمُت بحضرة الإعجاز ، ظنوا أنّ الحكاية قَد انتهت بعد نتيجة الذهاب ، أعدوا دَخلة صارت فيما بَعد دُخلة بعدما قرر أبو تريكة إطلاق صاروخ نووي بيُسراه لتسكُن الشباك ، وتُعلِن حجز تذكرة سفر عاجلة من صفاقس للقاهرة ، تذكرة خاصة للأميرة الافريقيّة الغالية.
نظرَ أبوتريكة للأعلى بمُدرجات رادس بعد أن احرز هدف قاتل في الدقيقة 93 ، كانَت الدَاخلة قد سقطت كما سقطت كُل أحلام تونس بما فيها ومَن فيها ، وضعوه راكـعًا يمنحهم الكأس ، صدّقوا الرواية لمُدة تسعين فصلًا، وما بعد التسعين تبدلَ الحال ، اندثروا وخيّمَ عليهم صمت مُدقِع ، دامَ لدقائق، امتدّ لساعات ، وعاشت آثاره شهور، وتنغصَت حياتهم دهور. نسوا وتناسوا ان الفأر لن يُصبح ملكًا في حضرة العملاق.
في مثل هذا اليوم منذ 15 عام ، الأهلي يقهَر المُستحيل ، و يُعلِن تزواجه بـ الأميرة السمراء من قلب أولمبي رادس .