موقع إخباري شامل تتابعون فيه مستجدات الأحداث العربية والعالمية على مدار الساعة، وتغطية مستمرة لأخبار السياسة والرياضة والاقتصاد والعلوم والفن والتكنولوجيا.

العالم والصراع على الهوية ” جزء 10″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

ونكمل الجزء العاشر مع العالم والصراع على الهوية، فنهى الله تعالى المؤمنين عن التنازع، مبينا أنه سبب الفشل، ونهى عن الفرقة، فقال تعالى ” واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “عليكم بالجماعة، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية” وذهاب القوة يؤدي إلى ضعف الهوية، فالمطلب في هذا العصر هو مزيد من التكاتف والاتحاد كي يمنحنا ذلك قوة، فتنعكس على اعتزازنا بهويتنا، ولم يكتفى الأعداء وعملاؤهم بعملية مسخ المناهج، ولا بتجفيف مواهب الطالب الذاتية بدل تنميتها بل لقد سعوا إلى غرس قيم الفكر الغربي في نفوس الطلاب منذ سن مبكرة، ولعل كل هذه الخطوات هي ما أطلق عليها علماؤنا سياسة التفريغ والملء، فهم يفرّغون عقل الطالب من قيمه الإسلامية.

 

 

حتى إذا أصبح هذا العقل صفحة بيضاء، قاموا بتلقيحه بقيم الفكر الغربي، وقد قال بعض الغربيين كنا نحضر أبناء رؤساء القبائل وأبناء الأشراف والأثرياء والسادة من أفريقيا وآسيا، ونطوف بهم بضعة أيام في لندن وباريس وأمستردام، فتتغير ملابسهم، ويلتقطون بعض أنماط العلاقات الاجتماعية الجديدة، ويرتدون السترات والسراويل، ويتعلمون لغتنا وأساليب رقصنا، وركوب عرباتنا، وكنا نروح بعضهم في أوربا، ونلقنهم أسلوب الحياة على أثاث جديد، وطراز جديدة من الزينة، واستهلاك أوربي، وغذاء أوربي، كما نضع في أعماق قلوبهم أوربا، والرغبة في تحويل بلادهم إلى أوربا، ثم نرسلهم إلى بلادهم، حيث يرددون ما نقوله بالحرف تماما، مثل الثقب الذي يتدفق منه الماء في الحوض، هذه أصواتنا تخرج من أفواههم.

 

 

وحينما كنا نتحدث كنا نسمع انعكاسا صادقا وأمينا لأصواتنا من الحلوق التي صنعناها، وكنا واثقين أن هؤلاء المفكرين لا يملكون كلمة واحدة يقولونها، غير ما وضعنا في أفواههم، ليس هذا فحسب “بل سلبوا حق الكلام من مواطنيهم” لعل هذه الكلمات تبين لنا سبب حرص الغرب على مثْل هذه البعثات المجانية لأبناء المسلمين في هذه السن المبكرة، بل ودمجهم في أسر أمريكية أو غربية، لها فكرها وقيمها، وتقاليدها المغايرة تماما لقيمنا الإسلامية، إنهم بحق قادة المستقبل بأيد وفكر أمريكي وغربي، أعدوا إعدادا خاصا ليكونوا في المستقبل بعد أن يصبحوا القادة أبواقا تردد ما يقال لها من الغرب، وسلاحا يسحق كل صوت يخالف ما يريده الغرب، وتعد الهوية بمكوناتها من المؤثرات في سمات الشخصية فهي تعريف لصاحبها فكرا وثقافة وأسلوب حياة.

 

 

فإذا كانت الهوية واضحة مستقرة، اكتسبت الثبات والرسوخ، وإذا كانت مضطربة ومتناقضة، جعلته يعاني انحلالا وتميعا في عقيدته وأخلاقه وسلوكه، فالهوية هي التي تحفظ سياج الشخصية، وبدونها يتحول الإنسان إلى كائن تافه تابع مقلد، وفي شبابنا اليوم من تتسم هويته بالفوضى والارتباك والقلق بسبب التقليد الأعمى لليهود والنصارى والتشبه بهم فقد أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله “لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه” وهذا يدل على شدة اتباع بعض هذه الأمة لليهود والنصارى في عقائدهم وقيمهم، وتعد وسائل التقنية الحديثة والمعلوماتية والإعلام بمختلف أنواعه من أهم وسائل الأعداء في طمس هوية الشاب المسلم ومسخها، بما تملكه من وسائل إعلام وتضليل من فضائيات وإنترنت.

 

وصُحف ومجلات، ووكالات أنباء وغيرها، إضافة إلى ما تحمله من عوامل إباحية وتغريب تسيء إلى المرأة المسلمة، وما العولمة إلا أداة فاعلة لتغريب العالم واستعماره بقوة، تحت مظلة الانفتاح وتحقيق ما سموه بالقرية الكونية فقد بان أثر العولمة على الأجيال المسلمة، من صغار وكبار، ومراهقين وشباب وشابات، تمثلت خطورتها في إضعاف العقيدة والقيم والعادات والأخلاق لدى شبابنا فمعظم البرامج التي تبث بواسطة إعلامنا نصفها مأخوذ من الإعلام الغربي تعتمد على الجريمة والاغتصاب، والقتل والإباحية، وإثارة الشهوات حيث أصبحت كلها موجهة لخدمة الغرب والأعداء، وتعتمد كذلك على الإبهار والإعجاب بما لدى الغرب، هذه البرامج خلفت هزات عنيفة في نفسية الطفل والمراهق والشاب ففقد هويته.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

error: محتوى محمى !!