موقع إخباري شامل تتابعون فيه مستجدات الأحداث العربية والعالمية على مدار الساعة، وتغطية مستمرة لأخبار السياسة والرياضة والاقتصاد والعلوم والفن والتكنولوجيا.

العالم والصراع على الهوية ” جزء 9

بقلم / محمـــد الدكـــروى

ونكمل الجزء التاسع مع العالم والصراع على الهوية، وأن الجامعات الغربية يجب أن تستغل استغلالا تاما جنون الشرقيين للحصول على الدرجات العلمية والشهادات، واستعمال أمثال هؤلاء الطلبة كمبشرين ووُعّاظ ومدرسين لأهدافنا ومآربنا باسم تهذيب المسلمين والإسلام، فهذا هدف يسعون إليه، وهناك هدف آخر، وهو أن الشباب الذين يتلقون علومهم في إنجلترا وأوربا يفقدون صلتهم الثقافية والروحية بوطنهم، ولا يستطيعون الانتماء في نفس الوقت إلى البلد الذي منحهم ثقافته، فيتأرجحون في الوسط، ويتحولون إلى مخلوقات شاذة ممزقة نفسيا، وهل هناك خير يرجى للأمة من وراء إنسان أصبح ممزقا نفسيا؟ بل أوليست هذه كذلك أعظم خسارة تخسرها الأمة.

 

 

حينما يتحول أبناؤها إلى هذه الحالة؟ وكان للسيطرة والهيمنة الأمريكية على دول العالم الإسلامي وخاصة الدول العربية أعظم الأثر في تفريغ المناهج الدراسية من كل ما يغرس في نفوس الناشئة الرجولة وحب الجهاد، وحب الدفاع عن الأوطان، ووضعوا مكان ذلك ما يغرس في نفوس الشباب الخنوع والاستسلام، تحت مسميات كاذبة، مثل السلام والأخوة بين البشر، والمحبة بين الناس، وغير ذلك، ولكن هل سنظل نغرس في نفوس أبنائنا السلام فقط، ونهمل إعدادهم على التضحية والفداء، والدفاع عن الأرض والوطن الذي ينتهك في كل شبر من أرض الإسلام؟ فإن الطالب هو الهدف والغاية من وراء العملية التعليمية، لذا فقد وضعت التدابير المحكمة كي يتحول إلى نموذج مهزوز.

 

مفرّغ من القيم الإسلامية والرجولة، بل وجعله يرى كل غربي على أنه مظهر الحضارة، بل والنموذج الذي ينبغي أن يحتذى، وفي المقابل ينظر إلى كل إسلامي على أنه مظهر التخلف والجمود، أوليست هذه النتيجة التي ذكرها اللورد كرومر حينما قال عن الشباب الذين تثقفوا على يد الغربيين “يتأرجحون في الوسط، ويتحوّلون إلى مخلوقات شاذة ممزقة نفسيا”؟ فقيل لقد قضينا على برامج التعليم في الأقطار الإسلامية منذ خمسين عاما، فأخرجنا منها القرآن وتاريخ الإسلام، ومن ثم أخرجنا الشباب المسلمين من الوسائط التي تخلق فيهم العقيدة والوطنية، والإخلاص والرجولة، والدفاع عن الحق” وفي هذا الصراع العقدي علينا أن نركز على مصادر التلقي.

 

 

التي نتلقى منها عقائدنا وفكرنا، فوحدة مصدر التلقي سبب مهم لتوحيد الأمة، كما تحقّق في صدرها الأول، فلا يمكن أن تتطابق مصادر التلقي لدى المسلم السني والصفوي، أو لدى المسلم والكافر، لا يمكن بحال، وبقَدر العناية بمصدر التلقي والحرص على أن تكون المصادر صحيحة، بقدر ما تكون الهوية متميزة صافية نقية، فالشارع الحكيم أمر بمجانبة سبيل المشركين كله، وحذر من الوقوع فيما وقعوا فيه، وفي التشبه بشيء من أحوالهم ما قد يفضي إلى اتباع سبيلهم والركون والميل إليهم، وعلينا ألا نخشى من هذا الصراع، فالأمة المسلمة معصومة من الذوبان، فهي لن تقع في خطر الذوبان أو الانمحاق في الهويات الأخرى على وجه مطلق.

 

 

فالله تعالى يقول فى سورة التوبة ” هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون” فقد تضعف الهوية الإسلامية لدى بعض المجتمعات دون بعضها الآخر، ولكن أن تذوب الهوية فهذا لا، ولم، ولن يكون لأن هذا الدين محفوظ بحفظ الله، وقد تكفل الله به، لذا من المهم ألا ننكسر من الداخل فنحن الأعلون، الأعلون منهجا وفكرا وإرادة، فيقول الله عز وجل فى سورة آل عمران ” ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين” ولا يمكن أن نواجه هذه التحديات ونحن متفرقون متشتتون فإن من أسباب ذوبان الهوية، هو ذهاب القوة، ووجود الفرقة والاختلاف، والله تعالى يقول فى سورة الأنفال ” ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم”

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

error: محتوى محمى !!