موقع إخباري شامل تتابعون فيه مستجدات الأحداث العربية والعالمية على مدار الساعة، وتغطية مستمرة لأخبار السياسة والرياضة والاقتصاد والعلوم والفن والتكنولوجيا.

الصراعات التاريخية بين الأقوياء إلى اين ؟

الصراعات التاريخية بين الأقوياء إلى اين ؟

بقلم إيناس مأمون

لم تقتصر الخلافات الفرنسية البريطانية في الآونة الأخيرة على أزمة الهجرة وحدها، بل تفاقم العديد من الخلافات، سواء على صعيد العلاقات الثنائية أو على صعيد العلاقات الأوروبية البريطانية، وقد زادت وتيرة تلك الخلافات وتفاقمت حدة تعقيدها بعد الانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي، ونشير فيما يلي إلى أبرز مظاهر الخلاف بين البلدين خلال العام الحالي.

أوكوس وتقويض صفقة الغواصات الفرنسية

وصفت فرنسا الصفقة الثلاثية بين بريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة بالطعنة في الظهر، وأنها بمثابة غدر بها من قبل أطراف الاتفاق؛ حيث تسببت الصفقة الجديدة في إلغاء صفقة مُبرمة عام 2016 بين فرنسا وأستراليا للحصول على 12 غواصة تقليدية بقيمة 37 مليار دولار، من أجل الحصول على صفقة غواصات أمريكية تعمل بالطاقة النووية.

وقد تبع ذلك محاولات لرأب الصدع بين الحلفاء التقليديين، خاصة بعدما استشعرت فرنسا الإقصاء عبر تأسيس تحالف أوكوس بين الدول الثلاث، وبلغ الأمر حد تهديد مستقبل حلف الناتو ذاته بفعل تزايد الخلافات بين أعضائه، كما انسحبت فرنسا من محادثات ثنائية عسكرية مع بريطانيا؛ تعبيرًا عن غضبها بشأن الانتهازية وتقويض الثقة الناجم عن الصفقة.

حقوق الصيد ما بعد بريكست مواجهة عسكرية وشيكة

تزامنت أزمة المهاجرين الراهنة مع تجدد أزمة حقوق الصيد بين بريطانيا وفرنسا، وقد تجددت احتجاجات الصيادين الفرنسيين ضد التدابير البريطانية وقوانين الصيد المتبعة بعد بريكست، كما وُجهت اتهامات لباريس بالسعي لمعاقبة بريطانيا عبر تدفقات المهاجرين؛ ردًا على الخلاف بشأن حقوق الصيد.

وكادت الخلافات بشأن أزمة حقوق الصيد تفضي إلى مواجهة عسكرية بحرية بين البلدين، ففي مايو الماضي تزايدت حدة التصعيد في المياه الإقليمية بين البلدين بالقرب من جزيرة جيرسي البريطانية المتاخمة لمنطقة نورماندي الفرنسية، وقد احتج الصيادون الفرنسيون على قواعد الصيد المطبقة بعد الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، وهددوا بمحاصرة الميناء البحري البريطاني بالجزيرة، وهو ما دفع بريطانيا لإرسال سفينتي حراسة لمراقبة الاحتجاجات الفرنسية، وردًا على ذلك أرسلت فرنسا زورقين تابعين لقوات خفر السواحل وشرطة الدرك والحراسة البحرية كإجراء احترازي، وهددت فرنسا حينها بقطع التيار الكهربائي عن الجزيرة البريطانية.

وما تزال أزمة حقوق الصيد محل خلاف كبير يتفاقم باستمرار من آن لآخر، وكانت تلك القضية إحدى القضايا الكبرى الخلافية بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي، ولطالما عرقلت التوصل إلى اتفاق البريكست في صيغته النهائية. كما أن قضية الصيد ليست الخلاف الوحيد ذا الصلة بالترتيبات البريطانية الأوروبية الناظمة للعلاقات ما بعد البريكست، فثمة خلافات اقتصادية وتجارية عديدة تأتي في مقدمتها الترتيبات والقواعد التجارية في أيرلندا الشمالية.

يذكر أن العلاقات البريطانية الفرنسية تشهد المزيد من الخلافات والتوترات، والتي لا تقتصر على أزمة تدفقات المهاجرين وطالبي اللجوء وحدها، بل تتعقد أوجه الخلافات، ويتشابك فيها العديد من القضايا والملفات، وبالتالي تتزايد الحاجة إلى وجود إرادة سياسية من الأطراف كافة، وذلك من أجل تقريب وجهات النظر وطي صفحات الخلافات من أجل الوصول إلى حل للأزمة ذات التداعيات الإنسانية الوخيمة؛ إذ تشير التقديرات إلى إمكانية تفاقم المآسي الإنسانية في ظل غياب التنسيق والتعاون، وفي ظل استغلال تلك الأزمة الإنسانية سياسيًّا، وهو ما يتطلب المزيد من التنسيق والتفاهم الأوروبي من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن العديد من الخلافات العالقة ما بعد بريكست.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

error: محتوى محمى !!