موقع إخباري شامل تتابعون فيه مستجدات الأحداث العربية والعالمية على مدار الساعة، وتغطية مستمرة لأخبار السياسة والرياضة والاقتصاد والعلوم والفن والتكنولوجيا.

الإنسان و التنمية ” جزء 5″

كتب محمد الدكروري

ونكمل الجزء الخامس مع الإنسان والتنمية، فالإسلام لا يعرف سن للتقاعد، بل يجب على المسلم أن يكون وحدة إنتاجية طالما هو على قيد الحياة، ما دام قادرا على العمل، بل إن قيام الساعة لا ينبغى أن يحول بينه وبين القيام بعمل منتج، وفي ذلك يدفعنا النبى صلى الله عليه وسلم دفعا إلى حقل العمل وعدم الركود والكسل فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا قامت الساعة وفى يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليغرسها فله بذلك أجر” وكما حث الإسلام على اتخاذ المهنة للكسب مهما كانت دنيئة فهي خير من المسألة، فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.

” لأن يغدو أحدكم فيحتطب على ظهره فيتصدق منه تغنى به عن الناس، خير له من أن يسأل رجلا أعطاه أو منعه ذلك، فإن اليد العليا أفضل من اليد السفلى، وأبدأ بمن تعول” رواه الترمذى، ولذلك كان الصحابى الجليل عمر بن الخطاب رضى الله عنه يهتم بالعمل والترغيب فيه فيقول ما من موضع يأتيني الموت فيه أحب إلىّ من موطن أتسوق فيه لأهلى أبيع وأشترى، وكان إذا رأى فتى أعجبه حاله سأل عنه هل له من حرفة ؟ فإن قيل لا، سقط من عينيه، وكان إذا مدح بحضرته أحد سأل عنه هل له من عمل؟ فإن قيل نعم، قال إنه يستحق المدح، وإن قالوا لا، قال ليس بذاك، وكان يوصى الفقراء والأغنياء معا بأن يتعلموا المهنة ويقول تبريرا لذلك فإنه يوشك أن يحتاج أحدكم إلى مهنة.

وإن كان من الأغنياء، وكان كلما مر برجل جالس، فى الشارع أمام بيته لا عمل له أخذه وضربه بالدرة وساقه إلى العمل وهو يقول إن الله يكره الرجل الفارغ لا في عمل الدنيا ولا في عمل الآخرة، وقال عمر رضي الله عنه “مكسبة في دناءة خير من سؤال الناس” وعنه رضي الله عنه قال “إن الله خلق الأيدى لتعمل فإن لم تجد في الطاعة عملا وجدت في المعصية أعمالا” وكان سعيد بن المسيب رحمه الله يتاجر بالزيت ويقول والله ما للرغبة في الدنيا ولكن أصون نفسى وأصل رحمى” وكان إبراهيم بن أدهم إذا قيل له كيف أنت ؟ قال بخير ما لم يتحمل مؤنتى غيرى فلو أن كل الطاقات المعطلة نزلت سوق العمل وأنتجت لتحققت التنمية الاقتصادية وأصبحنا في رخاء ورغد من العيش.

ولو ذهبنا إلى واقعنا في التنمية الاجتماعية فحدث ولا حرج، ويحزنني كثيرا ما نحن فيه من اختلاف وتفرق وما يحدث في واقعنا من جرائم وما يرتكب فيه من إراقة الدماء وقتل للأبرياء، وإننى أدعو جميع أطياف المجتمع إلى الاجتماع والاعتصام والوحدة، فالاجتماع والاتفاق سبيل إلى القوة والنصر، وإن التفرق والاختلاف طريق إلى الضعف والهزيمة، وما ارتفعت أمة من الأمم وعلت رايتها إلا بالوحدة والتلاحم بين أفرادها، وتوحيد جهودها، والتاريخ أعظم شاهد على ذلك، ولذا جاءت النصوص الكثيرة في كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم تدعو إلى هذا المبدأ العظيم، وتحذر من الاختلاف والتنازع ومنها قوله تعالى فى سورة الأنفال.

” وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين” وفي حديث أبى مسعود قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح مناكبنا فى الصلاة، ويقول” استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ” رواه مسلم، فإنني أدعو جميع أفراد المجتمع إلى الوحدة والترابط وأن يحل الاتفاق مكان الاختلاف والاجتماع والاعتصام بدلا من التفرق والتشرذم، والحب بدلا من الكره، والإيثار بدلا من الأثرة، والإخاء بدلا من العداوة وبالجملة محاسن الأخلاق بدلا من مساوئها ولنرجع إلى القيم الخلقية التى تحلى بها الرعيل الأول من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ألا فلنحتد جميعا من أجل بناء مجتمعنا، ومن أجل بناء وطننا، ومن أجل بناء مصرنا الحبيبة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

error: محتوى محمى !!