موقع إخباري شامل تتابعون فيه مستجدات الأحداث العربية والعالمية على مدار الساعة، وتغطية مستمرة لأخبار السياسة والرياضة والاقتصاد والعلوم والفن والتكنولوجيا.

کلمًأّتٌـ لَهّـأّ مًعٌنِى فُـأّبًحًثًـ مًعٌنِأّ.. 

کلمًأّتٌـ لَهّـأّ مًعٌنِى فُـأّبًحًثًـ مًعٌنِأّ.. 

بقلم إيمان الشيخ

كلمة أو جملة سمعتها فى فيلم عربي قديم قالها الفنان عبد المنعم إبراهيم للشاويش عطية استقطبتنى فبحثت عنها لأعرف معناها وما المقصود منها ولعل هذه الكلمة من آلاف الكلمات فى اللغة التى تحتوى على معنى غير مفهوم أو هى تورية لمعنى مدفون بداخلها فعلينا الغوص فى أعماق البحر للبحث عن الدرر وإستقطاب الجواهر النفيسة التى تختبئ بداخل بحرنا العظيم..

كانت الجملة (يا لك من شنقيط) فكرت وتمعنت وذهبت للأستاذ جوجل عمنا وعم كل باحث ومقصد كل مستفسر فوجت أن كلمة شنقيط تقال للشخص كثير الفهم وفى حالتنا هذه قالها الفنان عبد المنعم إبراهيم للشاويش عطية كنوع من التورية فهو استعف ان يقول لرئيسه أنت قليل الفهم فقال له يالك من شنقيط وهنا تورية تحمل بداخلها معنى آخر كأن تقول لشخص بخيل يالك من كريم أو أن تقول لشخص قليل الحظ يالك من محظوظ ولكن لماذا شنقيط وما علاقتها بالفهم بحثت فوجدت أن شنقيط بلاد عرف أهلها بالتمكن من ناصية اللغة والشعر، ويكفي أنه قدم منها الى مصر الشيخ محمد محمود الشنقيطي وغيره من علماء اللغة ورواة الشعر، وسمى الشنقيطى بهذا الإسم نسبة إلى شنقيط وهى بلدة أو منطقة في المغرب الأقصي، جنوب مراكش‏،في موريتانيا تقع إلى الشرق من ولاية أدرار. تأسست في القرن 2 هـ، وهي مدينة تاريخية عاشت قرون مزدهرة قبل أن تسقط وتدفن لتنهض بدلًا عنها مدينة “شنقيط” الحالية، التي تأسست عام 1262م، وكانت تمثل مركز إشعاع علمي وثقافي منذ القرن 10 هـ حيث شهدت نهضة ثقافية شاملة إلا أن أهلها لم يهتموا بتدوين حركتهم العلمية وتوثيق أحداثها والتأريخ لها. ويرجع أصل الاسم “شنقيط” إلى “البربر” أو الأمازيغ ومعناه: عين الخيل، أى عين الماء التى يشرب منها الخيل.

 

أما عن حياة العلامة محمد الشنقيطى فقد كان نادرة من نوادر عصره في اللغة والأمثال والحديث وعلم الأنساب‏,‏ وقد اتصل في نهاية القرن التاسع عشر بالشريف عبدالله أمير مكة ثم أقام فترة في الأستانة وكان السلطان عبدالحميد يجله ويحترمه ويعرف مكانته‏.‏ كما أقام بمصر ردحا من الزمن في ضيافة السيد توفيق البكري نقيب الأشراف الذي أكرم وفادته وكان علي صلة قوية بعلماء مصر في عصره مثل الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية‏,‏ والشيخ سليم البشري شيخ الأزهر‏..‏ وكان يكتب في جريدة مصباح الشرق وله فيها صولات وجولات مع النحاة والأزهريين واللغويين‏,‏ واشتهر بالشجاعة الأدبية وأنه لا يخشي في الحق لومة لائم ولكنه كان غريب الأطوار وله في ذلك شطحات كثيرة حتي اتهمه البعض دون وجه حق بالكفر والإلحاد والزندقة‏,‏ لأن العصر الذي ظهر فيه لم يكن يحتمل النزعات الفكرية والتحررية غير المألوفة‏، من هنا يتبين لنا   أن الشنقطة والشناقيط والشناقطة ألفاظ تستوجب الفخر وليس التهكم، فالف تحية للشناقطة والشناقيط.

 

هذه هى لغتنا الجميلة ولا عجب عندما نقرأ قول الشاعر حافظ إبراهيم متحدثا على لسانها  :

أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ

فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي

فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني

وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي..

ويقول فى نفس القصيدة:

ووسعت كتاب الله لفظاً وغــايــة

وما ضقت عن آيٍ به وعظات..

 

وبديهى فى مثل هذا البحر الشاسع أن تقابلنا متاهات وماعلينا إلا الغوص والإبحار حتى نصل للمعنى المنشود فعندما نجد كلمات فى اللغة يستعصى علينا فهمها ونقف حائرين أمام مدلولها  لا نستسلم وعلينا البحث عنها وصدقونى لن نخسر شيئا بل سنكتسب علما ومعرفة ودرر لا تقدر بمال ويتوسع عقلنا وتتسع مداركنا ونكتنز كنوزا فوق كنوز، ولا عجب فهذه لغتنا الجميلة فعند الإبحار فيها والغوص فى أعماقها نجدها بركان يتدفق بالعلم والثقافة والمعرفة.

ألف ألف تحية للغتنا الجميلة،ألف مليون تحية للغةٍ سطرت كتاب مقدس ومنهج سارت وتسير عليه أمة بل وتهتدى به إلى أن تقوم الساعة ويرث الله الأرض ومن عليها، ألف مليون تحية للغة شُيِدَت على أعمدتها حضارات وسُطِرَت بحروفها ثقافات، ألف مليون تحية للغة الضاد.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

error: محتوى محمى !!