موقع إخباري شامل تتابعون فيه مستجدات الأحداث العربية والعالمية على مدار الساعة، وتغطية مستمرة لأخبار السياسة والرياضة والاقتصاد والعلوم والفن والتكنولوجيا.

تشرين..حين الاشجار – والثورات

تشرين..حين الاشجار – والثورات

بقلم : الكاتبة سرى العبيدي طالبة دكتوراة العراق 

متابعة د.عبدالله مباشر رومانيا

في خطاب ((الثورات) من الشعار الى الاستحضار

المصطلح وتشابكاته الاستخدامية .

لماذا الحرص على استحضار (ثورة))؟؟

الزوايا الضيقة والخطاب المتسع –

– العنف الرحيم – والسلم الرجيم

– الملامة للشعب- والطعن للخصوم

– الكراهية – سلاح أم وسيلة ؟؟

اتهموهم ولاتحاوروهم – فالحوار عدو (الثورة ).

الثورة في موروثها وفهمها ،هي فعل التغيير ضد نظام استبدادي ، لايؤمن بالتداول السلمي للسلطة ،ولاحرية التعبير عن الرأي ، أو ثورة المستعبدين ضد أسيادهم ورفضهم للعبودية ،وتلك كانت في أزمنة مضت ،أما في ظل نظام ديمقراطي ،فتسمى احتجاج أو تظاهر، أي ضمن حقّ دستوري ،ولايدخل العنف ضمن سلوكياتها.

لكن لأن شعار الثورة مغٍر ، لما يحملة من ايحاء بالعنف و(البطولة ) لذا لابد للثورة من خطاب تعبوي ، تجري التهيئة له وجعله في مستوى الضرورة ، فلا ثورة دون خطاب ، ولاخطاب دون مرتكزات ، تبني عليه وتستمر به ، ولإيجاد تلك المرتكزات ، فلابد من الاستعانة بعاملين رئيسين : تقديس الذات – وشيطنة الخصم . تقديس الذات (الثورة) يجري العمل عليه بأن توضع محمولاتها (شخوصاً وحدثاً ) خارج متناول الانتقاد ، إذ يجب أن يرتقى انتقادها الى مستوى الكفر الوطني والخيانة ، فمادامت الثورة تمثل (الشعب ) وأهدافه المشروعة والمغتصبة ، من سلطات فاسدة ومنتهكة للحقوق ،لذا ينبغي أن يتوحد (الشعب) خلفها ويساندها ،ولاخيار له سوى ذلك ، لذا يصار الى زج مفردة (الشعب ) لتصبح من أهم لُحمة الخطاب الثوري وسداه – فلاشرعية دون شعب – ولا شعب دون ثورة ،والا عُدّ متخاذلاً جباناً وتقريعه وثلبه ،وهذا ما لايرضاه شعب لنفسه (*) .

الملامة للشعب والطعن للخصوم : هدفان رئيسان من لوازم التهيئة للثورة ،كي يصبح انطلاقها مضمون النتائج ، ولكي يتحقق الهدف المنشود ،فلابد من وضع الخصوم في زاوية ضيقة ،وهذا يتطلب عدم زج الثورة في متاهات حوارات قد تضعف الثورة ، أو تشكك في صدقية توجهاتها ، فالثورة فعل تغييري هجومي وليس حوارياً ، ومن لا يريد فهم دوافع الثورة او الايمان بها ، فينبغي اجباره على السكوت ، وذلك لايتطلب سوى الاستعانة بمجموعات من المصطلحات الشتائمية / الاتهامية – وكلما كانت جارحة أكثر ، كلما كانت أسرع في تحقيق الهدف ، لتكون السلاح الأمضى بيد (الثوار) .

الثورة بهذا المعنى ،ينبغي تحويلها الى (آيديلوجيا) معبودة لذاتها ، ولكي يتحقق ذلك ، يجب جعلها مركز استقطاب وجذب لمجاميع يسهل اجتذابها – من الشباب خاصة – وذلك بإضفاء صفات مغرية ، فصنّاع الثورة هم أبطال خارقون شجعان مقدامون لايهابون أحد ويمتلكون صفة الوطنية والحرية ، فيما خصومهم يخشونهم ويهربون أمامهم ولن يستطيعوا فعل شيء معهم (1) وهم ليسوا وطنيين ولا احرار كالثوار ،كما ان وعد النصر متحقق لامحالة ، وكما كل ايديلوجيا تحمل شحنات من الكراهية لمن يخالفها ،كذلك فكل ثورة تحمل كراهياتها وتعتبرها جزءاً من مقومات خطابها .

ولكي تكتمل الحلقات ،فينبغي للثورة أن تكسر الرموز القديمة كي لايستخدمها الخصوم ،ويجري زرع واشاعة قيماً بديلة ، حيث تكون للحرية (( الكاملة)) الكلمة العليا . ذلك خطاب لاشك إنه يمتلك بعض مقومات القوة في البداية قد تجعله شديد الاندفاع ، لكنه كذلك يحمل الكثير من بذور ضعفه ومحتملات اخفاقه – كيف ؟؟ مستويات الفعل وواقع الثورة خطاب المصطلحات – وجنّة الشعارات – متى وكيف يبدأ الانطلاق ؟؟ ومتى وكيف يمكنه التوقف؟ (*) ذلك ماحدث فعلاً منذ سنوات ،وبحملة منظّمة ثلبت (الشعب ) العراقي ووضعت فيه شتى الصفات ومن بينها الجبن والتخاذل والنفاق – لأنه لايثور . (1) مشهد ضرب الجنود والهتاف ضدهم ، الهوسات التي تطعن بقدرتهم امام (الثوار).

استخدام اسلوب الصدمة والرعب ، اي القسوة لارعاب الخصوم من جهة ،ولاعطاء مصداقية لل((شجاعة )) من جهة اخرى .

لكن حساب الحقل لم يطابق البيدر ، فقد تحولت تلك الاساليب الى عكسها ،وخلقت نفوراً عند كثيرين ، جعلتهم يقفون بالضد مما يجري ،وانحسرت

( الثورة) لتقتصر على مجاميع حائرة دون حاضنتها .

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

error: محتوى محمى !!