بينما يبسُط الليل نفوذه
بقلم / محمودرويش
بينما يبسُط الليل نفوذه ويمتَد سواده ، تبدأ وحدتك ، يتلاشى الجَمعُ تباعًا من حولك ، تتكالب عليك الذكريات ، تنهشُ بقلبك نهشًا.
ثمة صفحات سوداء مكتوبة بالدماء والدموع ، منقوشة على صفحات القلب ، لم تعهد بالظهور ، مُظلمةٌ كما القبور ، تحكي كم اكتوينا بالألم ، وكم بكينا بعيدًا عن الأعيُن!
تقص مرارة الخذلان والرغبة بالنسيان ، الأماكن التي شهدت اللقاء ، الوعود التي لم يُدركها البقاء.
الأحلام وسعي الغُلام ، الفقدان ولَوعة المُشتاق بنوبات الهذيان ، الضعف والرغبة بالهروب وصراع الخروج من الكروب، والشتات بمُختلف الدروب.
هذا الذي تماسك طوال اليوم، سيأوي إلى فراشه كما إعتاد ليختلي بنفسه ، وبصراع أفكاره الـدائم، و بجلد الـذات على تفاصيل دقيقة، ومتابعة الانهيار الكُلي، حتى ينام بعد عصفٍ ذهني ، ثم ينهض بالصباح كما إعتاد ، ليمضي قُدمًا، يمضي كأن لا شيء بداخله ، وهو والله مُزدحِم ومُثقَل بكُلِ شيء!
بداخل كل انسان ثمة حياة أُخرى، حياة أعمق بكثير مما قَد يبدو عـليه !