موقع إخباري شامل تتابعون فيه مستجدات الأحداث العربية والعالمية على مدار الساعة، وتغطية مستمرة لأخبار السياسة والرياضة والاقتصاد والعلوم والفن والتكنولوجيا.

تنزيل من عزيز حكيم ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

لقد أنزل الله تعالى القرآن على قلب النبي صلى الله عليه وسلم هداية للناس إلى الطريق المستقيم، ينير به الحياة، ويهدي به الحيارى، فهو دستور المسلمين، به تحيا القلوب، وبه تزكو النفوس، وبه تتهذب الأخلاق، فمن تمسك به نجا من الفتن، إنه روح المؤمن ونور هدايته، ومن جمال نوره سمعه فريق من الجن فآمنوا به وعظموه فاهتدوا به إلى الصراط المستقيم، ثم ولوا إلى قومهم منذرين، وإذا كان هذا حال الجن مع القرآن الكريم فإن للملائكة أيضا حالا معه، فعن أسيد بن حضير رضي الله عنه أنه كان يقرأ وهو على ظهر بيته، وهو حسن الصوت، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال “بينما اقرأ إذ غشيني شيء كالسحاب والمرأة في البيت والفرس في الدار فتخوفت أن تسقط المرأة وتنفلت الفرس فانصرفت.

 

 

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ يا أسيد فإنما هو ملك استمع القرآن” فإنه كلام الله عز وجل الذي لا تنقضي عجائبه، وقد تكفل الله تعالى بحفظه من التحريف والتبديل، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين، ونوره المبين، والذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم،وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تتشعب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا يمله الأتقياء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، من علم علمه سبق، ومن قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم، وإن واجب المسلمين نحو القرآن الكريم، هو تعظيمه وقراءته وتدبر آياته، والأدب مع القرآن، والتخلق بأخلاقه، والعمل بأوامره ونواهيه.

 

 

فإن القرآن الكريم هو معجزة الإسلام الكبرى في كل زمان فهو كلام الله عز وجل، وهذا أعظم دليل على إعجاز القرآن، فمصدرية القرآن دليل على إعجازه فهو كلام الله الذي يصل فضله على كل الكلام كفضل الله على كل الخلق ولذلك تحدى الله به البشرية عامة وتحدى به المشركين خاصة وما زال التحدي قائما إلى يوم القيامة فعجز الإنس والجن مجتمعين ومتفرقين عن الإتيان بمثلة، وقد سمع هذا التحدي من سمع القرآن وعرفه الخاص والعام، ولم يتقدم أحد على أن يأتي بسورة مثله من حين بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا اليوم وإلى قيام الساعة، والقرآن يشتمل على آلاف المعجزات لأنه مائة وأربع عشرة سورة، وقد وقع التحدي بسورة واحدة، حتى لو أقصر سورة في القرآن سورة الكوثر.

 

 

وهي ثلاث آيات قصار، والقرآن يزيد بالاتفاق على ستة آلاف آية ومائتي آية، ومقدار سورة الكوثر من آيات أو آية طويلة على ترتيب كلماتها له حكم السورة الواحدة، ويقع بذلك التحدي والإعجاز، ولهذا كان القرآن يُغني عن جميع المعجزات الحسية والمعنوية لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فعجز الإنس والجن عن أن يأتوا بمثله، ولقد نزل القرآن الكريم باللغة العربية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي نزل عليه القرآن عربي، والله تعالى يقول فى سورة إبراهيم ” وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومة” ولقد خص الله تعالى العرب بأن نزل القرآن بلسانهم مع أنه للناس كافة، وذلك تشريفا لهم وخصائصهم كثيرة معروفة، وتكريما للسانهم، وخصائصه لا تنحصر.

 

 

ثم إن اللغة العربية فيها من مقومات البقاء، ما يجعلها أبقى اللغات السامية، فناسب أن ينزل بها الكتاب الباقي الخاتم، ولغة العرب أوسع اللغات السامية، فهي الوحيدة التي تتسع لكثير من المعاني القرآنية، وغيرها لا يتسع لبعضها، فناسب أن ينزل بها القرآن الذي نزل يتسع لكل متطلبات الناس جميعا على اختلاف مشاربهم، ولغة العرب هي التي بقيت لا يشوبها خلل لأن العرب كانوا يقدسونها، ويحافظون عليها، وكانوا في حرز حريز من أن يتطرق إلى صفائها ما يكدرها، ولعل الله تعالى قد عزلهم في ناحية من الأرض في الصحراء بعيدا عن الحضارة والمدنية حتى لا يطمع في البقاء معهم من ليس منهم من العجم وغيرهم، فتفسد لغتهم بسبب المخالطة، ثم شاء أن ينفتحوا على العالم بعد ما نزل صمام الأمان للغتهم، وهو القرآن الكريم.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

error: محتوى محمى !!