موقع إخباري شامل تتابعون فيه مستجدات الأحداث العربية والعالمية على مدار الساعة، وتغطية مستمرة لأخبار السياسة والرياضة والاقتصاد والعلوم والفن والتكنولوجيا.

العالم والصراع على الهوية ” جزء 2

بقلم / محمـــد الدكـــروى

ونكمل الجزء الثانى مع العالم والصراع على الهوية، وقد كانت بدايات التفكير في تغيير أسلوب الغزو حينما أسر قائد الحملة الصليبية “لويس التاسع” وسجنه المصريون في المنصورة، واستطاعَ أن يفدي نفسه بمال كثير، وحينما كان لويس هذا قابعا بين جدران سجنه، أدرك أن الغزو المسلح لن يستطيع الانتصار على المسلمين لذلك فكر في طريقة أخرى خلاصتها هو إبعاد المسلم عن دينه، وتفريغه من عقيدته، بذلك يمكن تحويل أحفاد الأسود إلى ظباء جفولة، لا تعتز بدينها ولا تحرص على حفظ عرضها ووطنها من الأعداء، بل إنهم يرون التمدين والترقي في التشبه بغير المسلمين، وحينما يُمكن لهذه الشخصيات من قيادة البلاد الإسلامية.

 

فإنهم سوف ينوبون عن أعدائهم في القضاء على الهوية الإسلامية، والقضاء على حملة الإسلام، تحت مسمّيات خادعة مثل القضاء على الإرهاب، والتخلص من الرجعية، ومحاربة الجمود، وهكذا، ويعيش المجتمع الغربي بمدنه وقراه، في حاضرته وباديته في العقود الأخيرة بشن حربا باردة، وهجوما شرسا على أسس الهوية الإسلامية، تكاد تأتي عليها عمودا عمودا، فما أن تهب عاصفة تزحزح ركنا من أركان هوية المجتمع الإسلامى، حتى تليها أخرى أشد من الأولى، تكاد هي الأخرى تذهب بعمود آخر، وإذا عرفنا أن أعمدة الهوية في المجتمع الإسلامي وأركانها هي عقيدته، وتاريخه، ولغته، وصفته، وحاله، فإننا سنبين كيف يتم محاولة هدم هذه الأعمدة.

 

 

من أجل إسقاط الهوية من برجها العالي فيتيه المسلم من دون نورها في حياة الإمعة والتقليد لثقافة غربية، تبعده عن غاية وجوده، وأول عمود تعرض ومنذ زمن لمحاولة زعزعته وخلعه من جذوره هو العقيدة، فقد حاول من لم يبتغى الإسلام دينا، أو من ابتغاه نفاقا بعدما فشلوا في محاربتهم للعقيدة الإسلامية جهرا أن يحاربوها سرا، وبطرق لا تحصى، لعلمهم أن هذا هو أصعب ركن تستند عليه الهوية، لذلك ضاعفوا جهودهم من أجل ذلك، فقد استطاعوا بعدما طرد أجدادنا المستعمر من بلادنا أن يزرعوا أشواكا خبيثة تعينهم على هدفهم وغايتهم، وكانت هذه الأشواك هي التيارات المعادية للهوية الإسلامية المختلفة من علمانية، وليبرالية، ويسارية، واشتراكية وغيرها.

 

فقد كانت ومنذ ظهورها تعمل على خلق شبهات، إما بالتشكيك في وجود الله، أو إطلاق شبهات عن الإسلام باعتباره دينا لا يصلح لزماننا، وإنما أنزل لأزمنة وأمكنة مخصصة، وقد انتهى بانتهائها، أو شبهات عن القرآن باعتباره في عقيدتهم الملوثة أنه لا يواكب العصر والتطور لذلك نجدهم في كل مرة يقومون بخرجات تضرب العقيدة في صميمها، وأما الركن الثاني الذي تستند عليه الهوية، وهو التاريخ، فلم يسلم بدوره من محاولة نخره، فقد حاولوا فصل المجتمع عن تاريخه وتراثه، بل عملوا على أخطر من ذلك، وهو تكريه المجتمع في تاريخه، فقد شوهوا الحقائق، وجعلوا التاريخ الإسلامي مرتبطا بالقتل والفتن والدمار، حتى إن المسلم العامي تجده يتنكر لتاريخه.

 

 

ويتهرب من أن يربط به لذلك أصبح المجتمع بينه وبين تاريخه وحضارته برزخ سحيق، يفصل حاضره ومستقبله عن ماضيه، فنسي بذلك أعلام هدى ومصابيح دجى، وقادة في أمته، كان من الأولى له أن يستنير بعلمهم، ويسير على هديِهم، لكن قوة العولمة والعلمانية والحضارة الغربية، غيرت في أمتنا القادة، فجعلت فلاسفة وعلماء ماديين ورياضيين وفنانين وغيرهم هم القادة، فمالت الهوية مترنحة نحو السقوط بعد نخر هذا الركن من أساسه، أما عمود اللغة، فقد كانت الضربات شديدة عليه، فإلى جانب شبهة أنها لغة جامدة لا تتطور بتطور الزمن، إلى جانب ذلك أدخلوا لغاتهم إلى كل مؤسساتنا الإدارية والمجتمعية.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

error: محتوى محمى !!