موقع إخباري شامل تتابعون فيه مستجدات الأحداث العربية والعالمية على مدار الساعة، وتغطية مستمرة لأخبار السياسة والرياضة والاقتصاد والعلوم والفن والتكنولوجيا.

العالم والصراع على الهوية ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروى

لقد حرص الأعداء وهم أعداء الإسلام وأعداء الوطن على إرسال بعض الأفراد وهم المستشرقين ليدرسون الثقافة الإسلامية دراسة وافية، ثم يقومون بإثارة الشبهات ضدها، ولكنهم وجدوا أن الأمة لا تثق فيما يصدر عنهم ولا تتأثر به، إذن كان لا بد أمامهم من استقطاب بعض الأفراد من أبناء الأمة، فهؤلاء لو تم استقطابهم، فسيكونون بمثابة الثقوب، التي يدخل منها الأعداء إلى ثقافة الأمة، كما تدخل الحشرات إلى جسم الشجرة الوارفة، وتظل تسعى حتى تصل إلى النواة، فتفسد الشجرة كلها، ولقد تعرض العالم الإسلامي لعدة قرون متوالية لهجمة صليبية وثنية شرسة، تدفقت إلى عالمنا الإسلامي متعاونة متعاضدة من عدة اتجاهات، فكانت من الشمال عن طريق بيزنطة.

 

ومن الشرق بالغزو التتاري المغولي، الذي تآمر مع الصليبيين لمدة مائة وتسعون عاما، والتي كان أقواها حملة جنكيز خان، وهولاكو، وتيمورلنك، ومن الغرب عن طريق الأندلس بغزو الفرنجة والإسبان، وقد كان الغرض الأساسي لهذه الهجمة هو القضاء والمحو التام لمعالم الإسلام، ولقد تكشفت الأحداث والوقائع عن مدى ترصد ومراقبة القوى المعادية لأحوال العالم الإسلامي، حتى إذا تأكدوا من حدوث أمرين بدؤوا في هجومهم، وهو ضعف الجبهة الداخلية وتفككها، ووجود تناقض بين قيم الإسلام وأعمال المسلمين وأخلاقهم إذ إن التوافق بين قيم الإسلام وأخلاق المسلمين من أقوى الدلالات على القوة المنبعثة من قوة العقيدة والإيمان، فإذا تمزقت الوحدة.

 

ووقع الصراع بين أجزاء العالم الإسلامي، ثم ضعفت القوة الرادعة كان ذلك مقدمة لتجمع الأعداء للانقضاض، ولكن اللافت للنظر في خط سير تاريخنا الإسلامي تلك الظاهرة العجيبة وهى ظاهرة الانبعاث الداخلي، سواء في مجال المواجهة المسلحة للغزو الخارجي، أم في مجال الفكر لمواجهة الانحرافات الطارئة على الدين، ويقول الشيخ محمد الغزالي رحمه الله “أين كانت الخلافة العباسية في أثناء الهجوم على الفكر الإسلامي بهذه الطريقة الوضيعة؟ لم تكن تكترث بالنتائج، وعندما تحركت الخلافة تَحركت لتنصر انحراف المعتزلة في بعض القضايا الكلامية، وأمرت بسجن وجلد ابن حنبل، الذي يُعد زعيم المحافظين في ذلك الوقت على أن علماء الإسلام.

 

ووراءهم السواد الأعظم من الأمة قاوموا هذا الغش المفروض على ثقافتهم الدينية مقاومة ناضجة، وأمكن حصر الإسرائيليات، والنصرانيات، والإغريقيات، وكل القمامات الفكرية، التي أرادت الالتصاق بالرسالة الخاتمة، وتم تحذير الناس منها” ولقد تتابعت الحملات تتدفق تريد القضاء على الإسلام، إلا أن الأعداء كانوا يدركون أنهم لن يبقوا في هذه البلاد أبد الدهر، مهما تغلبوا على أهلها المسلمين في فترات معينة، طالت هذه الفترات أم قصرت، لذا فقد عملوا على تسليم مقاليد الحكم في هذه البلاد الإسلامية لشخصيات موالية لهم من أبناء هذه البلاد، تعمل هذه الشخصيات بتوجيه الاستعمار على إخراج أجيال مفرغة من ثقافتها الإسلامية، ومن انتمائها إلى دينها وعقيدتها.

 

ثم ما تلبث أن تتولى هذه النوعيات المفرغة مقاليد التوجيه الثقافي والصدارة الإعلامية، ومن ثم يتمكن الاستعمار من السيطرة على البلاد الإسلامية، وطمس معالم هويتها، فهم وإن كانوا قد رحلوا بأجسامهم وسلاحهم، فقد بقوا بعقولهم وعملائهم، ولقد كانت هذه الخطة الخبيثة أقوى أثرا على الهوية الإسلامية من الهجمات الشرسة المدججة بالسلاح، إنها خطة الغزو الفكري، تلك المؤامرة الحديثة، التي وضعها الأعداء للقضاء على الهوية الإسلامية، ولقد كان فشل الصليبيين في الحملات التي شنوها على عالمنا الإسلامي سببا في التفكير لتغيير أسلوب الغزو ووسائله، حيث أدرك الصليبيون أن عقيدة المسلم ودينه يحملانه على بذل النفس والنفيس في سبيل المحافظة على مقدساته، وأرضه، وعرضه من الغازي المحتل.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

error: محتوى محمى !!